كفالة اليتيم وفضلها

يحرصُ الإسلام على توثيق الروابط الاجتماعية بين أبناء المجتمع، من خلال الدعوة إلى تقديم يدِ العون والمساندة من القوي إلى الضعيف ومن الغني إلى الفقير، وخيرُ دليلٍ على ذلك قولُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:

(تَرَى الْمُؤْمِنِينَ فِي تَرَاحُمِهِمْ وَتَوَادِّهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ كَمَثَلِ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى عُضْوًا تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ جَسَدِهِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى)‏‏.‏ [صحيح البخاري - 6011].

تُعدًّ كفالة الأيتام ورعايتهم أحد أبرز أشكال التكافل الاجتماعي في الإسلام، والتي تحفظ كرامة الطفل اليتيم وتؤمّن له حياةً كريمة وتربيةً سليمة، فما فضل كفالة اليتيم في الإسلام؟ وما هي أنواعها وشروطها وطرقها؟

من هو اليتيم؟

اليتيم في الاصطلاح هو من فقد أباه قبل أم يبلغ الحُلم؛ أي قبل البلوغ، فعن عليّ رضي الله عنه قال‏: حفظت عن رسول الله ﷺ: (‏لا يُتم بعد اِحتلام) [أخرجه أبو داود - 2873].

وأما من فقد أباه وأمّه فيُدعى: اللطيم.

حقوق اليتيم في الإسلام

يؤكّد الإسلام على حفظ حقوق اليتيم ويدعو الجميع إلى الإحسان للأيتام ورعاية مصالحهم، ويظهر ذلك جليّاً في الكثير من آيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة، ومنها:

حق الميراث: إذ تبيّن آيات القرآن الكريم أنَّ لليتيم نصيبٌ مما تركه أحد والديه بعد مماته، ولا يجوز لإحدٍ أن يمنعه عن حقّه في الميراث، قال تعالى: (یُوصِیكُمُ ٱللَّهُ فِیۤ أَوۡلَـٰدِكُمۡۖ لِلذَّكَرِ مِثۡلُ حَظِّ ٱلۡأُنثَیَیۡنِۚ فَإِن كُنَّ نِسَاۤءࣰ فَوۡقَ ٱثۡنَتَیۡنِا) [سورة النساء 11].

الحق في أموال الصدقة والزكاة: بل تُعدُّ كفالة اليتيم من أفضل الصدقات وأعظمها خيراً، لقوله تعالى: (یَسۡـَٔلُونَكَ مَاذَا یُنفِقُونَۖ قُلۡ مَاۤ أَنفَقۡتُم مِّنۡ خَیۡرࣲ فَلِلۡوَ ٰ⁠لِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِۗ وَمَا تَفۡعَلُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِیمࣱ) [سورة البقرة 215].

نصيب من الفيء والغنيمة: (وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَیۡءࣲ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ) [سورة الأنفال 41].

حفظ مال اليتيم: حذّر الله تعالى من المساس بأموال اليتيم أو الاعتداء على ممتلكاته، وضمن له حقوقه في قوانين الشريعة حتى يبلغ ويصير وقادراً على إدارة ماله، قال تعالى: (وَلَا تَقۡرَبُوا۟ مَالَ ٱلۡیَتِیمِ إِلَّا بِٱلَّتِی هِیَ أَحۡسَنُ حَتَّىٰ یَبۡلُغَ أَشُدَّهُۥۚ وَأَوۡفُوا۟ بِٱلۡعَهۡدِۖ إِنَّ ٱلۡعَهۡدَ كَانَ مَسۡـُٔولࣰا) [سورة الإسراء 34].

الإحسان وحسن المعشر: قرن الله تعالى الإحسان للوالدين بالإحسان إلى اليتيم والمسكين، وفي ذلك دليلٌ على قدر اليتيم عند الله، إذ قال تعالى: (وَٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُوا۟ بِهِۦ شَیۡـࣰٔاۖ وَبِٱلۡوَ ٰ⁠لِدَیۡنِ إِحۡسَـٰنࣰا وَبِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ) [سورة النساء 36].

حق الإكرام: (كَلَّاۖ بَل لَّا تُكۡرِمُونَ ٱلۡیَتِیمَ) [سورة الفجر 17].

حق الإطعام: جاء وصف الأبرار في قوله تعالى: (وَیُطۡعِمُونَ ٱلطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ مِسۡكِینࣰا وَیَتِیمࣰا وَأَسِیرًا) [سورة الإنسان 8].

حق الإيواء: (أَلَمۡ یَجِدۡكَ یَتِیمࣰا فَـَٔاوَىٰ) [سورة الضحى 6].

العدل: (وَأَن تَقُومُوا۟ لِلۡیَتَـٰمَىٰ بِٱلۡقِسۡطِۚ وَمَا تَفۡعَلُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِۦ عَلِیمࣰا) [سورة النساء 127].

فضل كفالة اليتيم

وعد الله تعالى كافل اليتيم بأجرٍ عظيم في الدنيا والآخرة، وفيما يلي بعض ثمرات كفالة اليتيم:

كفالة اليتيم من صفات الأبرار والمتّقين: ( لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُمۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ) [سورة البقرة 177].

سبيلٌ لمجاورة رسول الله ﷺ في الجنة: حيث قال ﷺ: (أنا وَكافلُ اليتيمِ في الجنَّةِ كَهاتين، وأشارَ بأصبُعَيْهِ يعني: السَّبَّابةَ والوسطى) [صحيح الترمذي - 1918].

شفاءٌ لقسوة القلب ووسيلة لقضاء الحاجات: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: أتَى النَّبيَّ ﷺ رجلٌ يشكو قسوةَ قلبِه قال أتحِبُّ أن يلينَ قلبُك وتُدرِكُ حاجتَك ارحَمِ اليتيمَ وامسَحْ رأسَه وأطعِمه من طعامِك يلِنْ قلبُك وتُدرِكْ حاجتَك [الترغيب والترهيب - 315].

كفالة اليتيم بمثابة الجهاد في سبيل الله: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: ‏(السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ)‏‏ [صحيح البخاري - 5353].

أنواع كفالة اليتيم

هناك عِدّة أنواعٍ لكفالة اليتيم في الإسلام وهي:

تربية اليتيم في بيت الكافل ورعايته والنفقة عليه وتأمين اِحتياجاته والإحسان إليه كما يُحسن الكافل إلى أولاده، إلى أن يصل اليتيم سنَّ البلوغ، ولكن يجبُ الحرص على حفظ الأنساب وعدم تجاوز الحدود الشرعية في ذلك.

كفالة اليتيم المُقيم في دور الرعاية الخاصة، من خلال تغطية نفقاته المالية كافّة، وتقديم الدعم النفسي والمعنوي للطفل إن اِستطاع.

طرق الكفالة الجزئية والتي تشملُ: التكفّل بتعليم الطفل في المدرسة، أو شراء ملابس العيد، والتكفّل بالعلاج ونفقات العمليات وغير ذلك من المصاريف الضرورية التي يعجز اليتيم عن تأمينها.

شروط كفالة اليتيم

عند كفالة اليتيم، يجبُ على الكافل وضع الأمور التالية بعين الاِعتبار:

1. الإحسان والعدلُ في معاملة اليتيم، وعدم جرح كرامته مقابل كفالته.
2. التفريق بين الكفالة والتبنّي، إذ لا يجوز أن يُنسب اليتيم إلى كافله.
3. أن يكون مال الكفالة حلالاً.
4. حماية مال اليتيم حتى يكبر.
5. أن يكون هذا العمل خالصاً لوجه الله تعالى.

طريقة كفالة اليتيم

كما وجدنا سابقاً ليس هُناك طريقة واحدة لكفالة اليتيم وإن أبواب الخير في ذلك كثيرة، ومن طرق الكفالة الشائعة:

1. الكفالة السنوية: تغطية نفقات اليتيم لمدّة عامٍ كامل.
2. الكفالة الشهرية: تُتيح هذه الطريقة كفالة اليتيم على دفعات متوالية كل شهر.
3. كفالة نفقات معيّنة، مثل شراء الدواء أو الكساء أو دفع أجار المنزل وما إلى ذلك.
4. تبرع لكفالة يتيم من اللاجئين والنازحين

لقد خلّفت الحرب المشتعلة منذ سنوات ملايين الأيتام والأرامل الذين هجّروا من ديارهم وفقدوا كلَّ ما لديهم في هذه الحياة، إذ يُعتبر اليتامى القاطنين في مخيمات اللجوء من أشدِّ الفئات حاجةً وضعفاً.

لذلك ندعوكم في مؤسسة إحياء الدولية للمساهمة في برامج كفالة اليتيم التي نديرها في مخيمات سوريا ولبنان، بالإضافة إلى رعاية الأيتام في رحاب مدينة الأقصى الشريف، فإن كنت طامعاً في مجاورة رسول الله ﷺ في الجنة، وتبحث عن الفضل والأجر العظيم، فلا تتردّد في المشاركة بهذه التجارة الرابحة.

المصادر

• فضل كفالة اليتيم والنفقة عليه
• كفالة اليتيم حكمها وشروطها
• اليتيم - موسوعة التفسير الموضوعي

 

الأسئلة الشائعة