التكايا الإسلامية: مفهومها ودورها الاجتماعي والإنساني

ما مفهوم التكايا الإسلامية؟ وفي أي زمنٍ أُنشِئت؟ وما هو الدور الذي كانت تقوم به؟ وما الصلة التي تربطها بالمؤسسات الخيرية؟ وهل هناك تكايا في القدس الشريف؟ وما طبيعة دورها اليوم؟ كل هذه المعلومات تجدونها مكتوبة في هذه المقالة.

ما هي التكايا؟

تسمية ظهرت في فترة الدولة العثمانية، ترمز لمبانٍ خصصت لتكون مركزاً لرباط الصوفية، وملجئاً للمنقطعين للعبادة، والمنقطعين في طرقات سفرهم، وتُشَكِّل معلماً تاريخياً هاماً للدلالة على روح التضامن في الإسلام.

ما معنى كلمة تكية؟

جاءت كلمة تكية من الناحية اللغوية؛ من الفعل اتكأ أو استند، أمّا من الناحية الاصطلاحية فهي تعني المأوى، وهي مكان يُعَدُّ لإيواء فقراء المسافرين، ويُقصد بها أيضاً مكان لأداء العبادة وتنظيم حلقات الذكر، أو لاستضافة عابري السبيل والمسافرين والحجاج، وجمع تكية؛ تَكيَّات وتكايا.

وقد قامت الدولة العثمانية بالإنفاق على التكايا من خلال أوقاف خصصتها لها، وعملت على صرف مرتبات شهرية على قاطنيها فيها من الدراويش والمساكين، فسُمِّيَت بالتكية لأن أهلها يتّكئون ويعتمدون في أرزاقهم على معاشاتهم التي يأخذونها من التكية.

تاريخ التكايا

يعود تاريخ التكايا إلى أيام الدولة العثمانية، ويعتقد البعض أنها موروثة من "الخانقاوات" (وهي كلمة فارسية تعني بيت العبادة) التي أسست في عهد الدولة الأيوبية واستمرت في عهد المماليك.

تطورت وظيفة التكايا في العصر العثماني، فلم تعد تقتصر على تقديم الطعام والمسكن كم كان حالها أيام الأيوبيين والمماليك، بل أصبحت مكاناً للعلاج، بدلاً عن "البيمارستانات" (وهي كلمة فارسية أيضاً وتعني: دار المرضى، أو دار الشفاء، وفي عصرنا الحديث هي المستشفيات) التي كانت تقوم على وظيفة العلاج أيام المماليك، لكنها أُهملت في العصر العثماني فقامت التكايا بهذه الوظيفة.

أهمية التكايا الخيرية

تعد التكايا الخيرية من أهم المنظمات الخيرية في المجتمعات الإسلامية، حيث تلعب دورًا حيويًا في توفير الدعم والرعاية الاجتماعية للفقراء والمحتاجين وعابري الطرق، وتعمل على تحسين حياة الناس وتوفير الدعم للفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع.

أهم الأعمال التي تقدمها التكايا

وتقوم التكايا بالعديد من الأعمال وتقدم مجموعة من الخدمات ومنها

1. تحسين واقع الفقراء والمحتاجين: حيث تعمل التكايا على توفير الطعام، والمأوى، والدعم المادي للفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع، وتساعدهم على بناء حياة أفضل، وتحسين مستوى معيشتهم.
2. تمكين مبدأ التكافل الاجتماعي: حيث تشجع التكايا على العطاء والإحسان، وتُعَزّز روح التكافل والتضامن في المجتمع، وتُرَسِّخ قيم العدل والإنصاف والتعاون بين أفراد المجتمع.
3. تقديم الرعاية الصحية: حيث تعمل بعض التكايا على توفير الرعاية الصحية للفقراء والمرضى والمحتاجين في المجتمع، وتساعدهم في الحصول على العلاج اللازم لتحسين صحتهم.
4. تعزيز مكارم الأخلاق: حيث تنشر التكايا التعاليم الإسلامية، وتعزز القيم الأخلاقية الإسلامية، وتشجع على العمل الخيري، والإحسان والتعاون في سبيل خدمة المجتمع.

 أشهر التكايا في العالم الإسلامي

توزعت التكايا على نطاق العالم الإسلامي كله، لكن اكتسبت بعضها شهرة واسعة، ومنها:

• في القاهرة: التكية السليمانية، والتكية الرفاعية، وتكية الدراويش المولوية، وهي أشهر التكايا في القاهرة.
• في دمشق: التكية السليمانية نسبة للسلطان (سليمان القانوني) الذي أمر ببنائها، والتكية السليمية نسبة للسلطان (سليم الأول).
• في بغداد: التكية الخالدية نسبة إلى الشيخ (خالد النقشبندي).
• في اسطنبول: خان غلطة (خان المولوية).
• في الخليل (فلسطين): تكية إبراهيم الخليل أبو الضيفان، أنشأها السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير القدس، وبها عرفت الخليل بالمدينة التي لا ينام فيها جائع.
• في القدس: سنأتي على ذكرها..

التكايا في القدس

التكية النقشبندية

تعتبر الزاوية النقشبندية أشهر معالم القدس، حيث كانت تستضيف أهالي القدس وزوارها على موائد الطعام، ولها عدة تسميات نسبة للقائمين عليها: (التكية البخارية)، (التكية الأوزبكية).

وفي وقتنا الحاضر أصبحت الزاوية النقشبندية وقفاً خيرياً عاماً.

تكية خاصكي سلطان

تقع في البلدة القديمة، وهي قريبة من المسجد الأقصى المبارك، أنشأتها وأوقفتها السلطانة (روكسلانا) زوجة السلطان (سليمان القانوني)، ولا تزال التكية تقدم الطعام الساخن إلى الآن، ولا تَصُدُّ أي إنسان يقصدها وهو محتاج، لافرق بين مسلم أوغيره، وتقوم التكية يتقديم الطعام على مدار العام لكنها تزيد من وجباتها في شهر رمضان المبارك.

تضم التكية قاعة كبيرة لتناول الطعام، وغرفاً لتخزين المواد التموينية، ومطبخاً وفرناً، وخاناً قديماً كان اصطبلاً للخيول، ومسجد أمرت السلطانة ببنائه.

وبسبب الحصار الاقتصادي الذي يفرضه الاحتلال على قوت المواطنين من أهالي القدس، تراهم يلجؤون إلى تكية خاصكي سلطان، والتي هي من أشهر تكايا فقراء مدينة القدس.

تبرع لترميم تكايا القدس

تكايا القدس هي مراكز خيرية إسلامية، تعد جزءًا من التراث الإسلامي في مدينة القدس المحتلة، وتمثّل رمزًا هامًا للتعاون والتضامن بين المسلمين لتحسين خدمات المجتمع، ورعاية المحتاجين والفقراء والأيتام في المدينة.

ولكن مع مرور الزمن وتعرض المباني القديمة للتآكل والتلف، فإن تكايا القدس بحاجة إلى الترميم والصيانة الدورية للحفاظ على هذا التراث الإسلامي المهم.

لذلك، فإن التبرع لصالح ترميم تكايا القدس يعد من الأعمال الخيرية المهمة، وذلك لعدة أسباب منها:

1. يعتبر باب من أبواب الأجر والثواب، لأنه شكل من أشكال الصدقة الجارية، فهذه التكايا في أغلبها أوقاف إسلامية، والمساهمة في ترميم الوقف له من الأجر والثواب كما في بناء الوقف.
2. يحافظ على التراث الإسلامي في المدينة، وعلى المباني القديمة التي تحتوي على أعمال فنية إسلامية متميزة عمرها مئات السنين، وبذلك تعزيز للهوية الإسلامية التي يسعى الاحتلال لمحاربتها وطمسها.
3. يساعد في تحسين خدمات المجتمع، حيث تُؤمّن الرعاية والإيواء والمساعدة للمحتاجين والفقراء والأيتام، والذين هم من الفئات الأكثر حاجة للدعم المالي والموارد لتمكينهم من الاستمرار وتحسين خدماتهم.
4. يعزز وينشر القيم الإسلامية العالية مثل العطاء والإحسان والتضامن بين أفراد المجتمع، فالإسلام يَحُثُّ على دعم ومساندة المحتاجين والفقراء، وإتاحة الفرصة للأيتام للحصول على التعليم والرعاية.
5. وبشكل عام، فإن التبرع لصالح ترميم تكايا القدس، يعد فعلاً خيرياً وإنسانياً، يساهم في الحفاظ على التراث الإسلامي، وتحسين حالة المجتمع، وتعزيز مبدأ العدالة الاجتماعية والروابط الإنسانية.

مشروع إحياء للعناية بالأوقاف

إنطلاقاً من إيماننا بأن الوقف هو رسالة إنسانية سامية وتكليف اجتماعي إسلامي، أطلقنا مشروع إحياء للعناية بالأوقاف، لنساهم في تشكيل مفهوم العمل الخيري الرشيد والسلوك الحضاري الذي تحتاجه الأمة.

فالوقف الخيري بمختلف أشكاله يقدّم دعماً اقتصادياً واجتماعياً كبيراً للمجتمع، وهو من منابع النفع للغير وإيصال عطاء أهل الخير إلى مستحقيه.

ويمكن للأفراد الذين يرغبون في مساعدة المحتاجين والمساهمة في حفظ التراث الإسلامي في المدينة أن يساهمو معنا والتبرع لدعم ترميم الأوقاف بما فيها تكايا القدس، لتستمر بدورها الإنساني المهم.

وقد أخذنا على عاتقنا في مؤسسة إحياء الدولية، أن نبذل قصارى جهدنا، بالتعاون مع أهل الخير، لتقديم المساعدات اللازمة لترميم تكايا القدس من حيث البناء والموارد.

ولا تزال مؤسسة إحياء الدولية تقدم الدعم الكامل لأرامل وأيتام القدس، وتمد يد العون للمتضررين من وراء الحصار الاقتصادي الذي تفرضه قوات الاحتلال، والممارسات التي تهدف إلى تهجيرهم من بيوتهم وعزلهم عن هويتهم وثقافتهم الإسلامية.

وإن تبرعكم لصالح تكايا القدس يساعد أهلها على الصمود والوقوف في وجه مخططات المحتل الغاصب.

 

تبرع للقدس الآن

 

الاسئلة الشائعة

 المصادر

• قصة الإسلام
• الجزيرة نت
• فلسطين أون لاين
• عربي TRT