فضل الصدقة وأنواعها

إن بحثنا عن فضل الصدقة وأجرها في كتابِ الله وسنّةِ رسوله؛ سنجد الكثير من الآيات والأحاديث التي تؤكّد على أهميتها العظيمة، ومنها قوله تعالى: (وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ فَلِأَنفُسِكُمۡۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ٱبۡتِغَاۤءَ وَجۡهِ ٱللَّهِۚ وَمَا تُنفِقُوا۟ مِنۡ خَیۡرࣲ یُوَفَّ إِلَیۡكُمۡ وَأَنتُمۡ لَا تُظۡلَمُونَ) [سورة البقرة 272].

لذا سنعرضُ لكم في هذا المقال بعضاً من تلك الشواهد التي تدعوا المؤمنين لأداء الصدقة، كما سنتعرّف على أنواع الصدقة وشروطها والفرق بينها وبين الزكاة، سائلين المولى أن يوفّقنا لنيل مرضاته وأن يتقبّل إنفاقنا في سبيله.

حكم الصدقة في الإسلام

تُعتبر الصدّقة من أفضل أعمال البرِّ والخير التي يتقرّب بها العبد من ربّه، إلّا أن صدقة التطوّع ليست واجبةً على المسلم كوجوب الزكاة، ولكنها دليلٌ على صدق إيمان المتصدّق وحسن علاقته مع الله تعالى.

إذ أنَّ المال زينة الحياة الدنيا وشهوةٌ تأخذ القلوب والعقول، فإن اِستطعت إرغام نفسك على الإنفاق في سبيل الله عن طيبِ خاطرٍ فقد وصلت إلى درجةٍ عاليةٍ من التقوى.

وقد أوصى النبي ﷺ المسلمين بالصدقة مراراً وتكراراً، فعَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه، قَالَ: "مَا خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَّا أَمَرَنَا فِيهَا بِالصَّدَقَةِ، وَنَهَانَا عَنْ الْمُثْلَةِ".

شروط الصدقة وضوابطها

بينما للزكاة المفروضة شروطٌ محدّدة لا تُقبل إلّا بوجودها، تختلف شروط الصدقة العاديّة عنها، إذ تُقبل في أيّ وقتٍ ومن أيّ مسلمٍ سواءً كان فقيراً أم غنيّ، ولكن هناك بعض الضوابط التي بيّنها رسول الله ﷺ في أحاديثه ومنها:

1. أنَّ يكون مال الصدقة من كسبٍ حلالٍ طيّب، فلا يقبلُ الله إلّا الطيّب وإن قلّ.
2. نهى رسول الله ﷺ المرء عن التصدّق بكلِّ ما يملك ثم لا يجد ما يُطعم منه نفسه وأهله، فعن النبي ﷺ أنه قال «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى».
3. يجب ألّا تُتبع الصدقة بالمنّ والأذى بعد إنفاقها، إذ قال تعالى: (ٱلَّذِینَ یُنفِقُونَ أَمۡوَ ٰ⁠لَهُمۡ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ثُمَّ لَا یُتۡبِعُونَ مَاۤ أَنفَقُوا۟ مَنࣰّا وَلَاۤ أَذࣰى لَّهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ) [سورة البقرة 262].
4. يُستحبُّ أن تكون الصدقة عملاً دائماً لا ينقطع، فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى الله أدومها وَإِن قل».
5. أنفق دون حساب، فلا تعرفُ يمينك ما أنفقت شمالك، إذ قال رسول الله ﷺ لعائشة رضي الله عنها: «أَعْطِي وَلاَ تُحْصِي فَيُحْصِيَ عَلَيْكِ‏»‏.

فضل و فوائد الصدقة

إنَّ للصدقة فضلٌ وأجرٌ عظيم لا يعلمه إلّا الله، وليس بوسعنا أن نحصر فضلها في سطور قليلة، وفيما يلي بعضٌ من آثار الصدقة التي وردت في حديث رسول الله ﷺ:

• وسيلةٌ لتطهير النفوس: قال تعالى: (خُذۡ مِنۡ أَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ صَدَقَةࣰ تُطَهِّرُهُمۡ وَتُزَكِّیهِم بِهَا وَصَلِّ عَلَیۡهِمۡۖ إِنَّ صَلَوٰتَكَ سَكَنࣱ لَّهُمۡۗ وَٱللَّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ) [سورة التوبة 103].
• سبيلٌ لنيل مرضاة الله: عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السَّوْءِ». 
• تمحو الخطايا: قال رسول الله ﷺ: «الصَّدَقَةُ تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ».
• وقايةٌ من عذاب النار: عن النَّبِيِّ ﷺ أنه قال: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ».
• سببٌ في شفاء المرضى: قال رسول الله ﷺ: «داووا مرضاكم بالصدقة».
• البركة والزيادة في الرزق: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال‏: ‏«ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما‏: ‏ اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر‏: اللهم أعط ممسكًا تلفًا»‏ [‏متّفق عليه‏]‏.
• مضاعفة الأجر والثواب: قال تعالى: (إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِینَ وَٱلۡمُصَّدِّقَـٰتِ وَأَقۡرَضُوا۟ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا یُضَـٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرࣱ كَرِیمࣱ) [سورة الحديد 18].

انواع الصدقة

إنَّ للصدقةِ صورٌ كثيرة، وفيما يلي أبرز أنواع الصدقة:

1. صدقة السّر: هي الصدقة الخالصة لوجه الله وحده، إذ قال تعالى: (إِن تُبۡدُوا۟ ٱلصَّدَقَـٰتِ فَنِعِمَّا هِیَۖ وَإِن تُخۡفُوهَا وَتُؤۡتُوهَا ٱلۡفُقَرَاۤءَ فَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۚ وَیُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَیِّـَٔاتِكُمۡۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣱ) [سورة البقرة 271].
2. صدقة العلن: الأصلُ في دفع الصدقة إخفاؤها، إلّا أنه لا حرجَ في إعلان الصدقة إن كانت النيّة من ذلك هي تشجيعُ الآخرين ودفعهم للإنفاق، وهنا على المسلم الحذر من الوقوع في الرياء أو النِفاق.
3. الصدقة الجارية: يُمكننا أن نعتبرها أحد أفضل أنواع الزكاة، ومن صورها حفر الآبار وسقيا الماء وكفالة الأيتام وزراعة الأشجار وغيرهم الكثير.
4. الصدقة عن المتوفّى: يُمكن للمسلم أن يتصدّق عن الميّت، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ سَعْدًا، سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَلَمْ تُوصِ أَفَأَتَصَدَّقُ عَنْهَا قَالَ: «‏نَعَمْ».
5. الإنفاق على الأهل: أجل لا تستغرب، حتى نفقةُ الرجل على أهله تُصنّف ضمن أنواع الزكاة، فعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قال: «إِذَا أَنْفَقَ الرَّجُلُ عَلَى أَهْلِهِ يَحْتَسِبُهَا فَهُوَ لَهُ صَدَقَةٌ».

الفرق بين الزكاة والصدقة

تُعتبر الزكاة من الصدقات الواجبة، ولها شروطٌ محدّدة تميّزها عن باقي أنواع الصدقات، والزكاة هي مالٌ مخصوص، يؤخذُ من مالٍ مخصوص ويدفعُ لجهاتٍ مخصوصة، وهي فرضٌ على جميع المسلمين، يؤجر فاعلها ويُعاقب مانعها.

أمّا الصدقة فليست واجبة وغير مشروطةٌ بوجود النصاب أو غيره، وإنما هي عملٌ فضيل يُؤجر فاعلها ولا حرج على من لم يفعل، إلّا أنها دليلٌ على صدقِ مُخرجها في إيمانه.

فضل الصدقة في رمضان

إنَّ لشهر رمضان المبارك خصوصيّةً تميّزه عن سائر أيام السنة، فهو شهر الرحمة والمغفرة ومضاعفة الأُجور، وإنَّ من أفضل ما يتقرّب فيه العبد إلى ربه خلال هذا الشهر الكريم، هو صدقةٌ ترفعُ مقامه وتُطهّر روحه وماله.

وقد كان رسول الله ﷺ أجود ما يكون في رمضان، وقيل أنه كان أجودُ بالخير من الريح المُرسَلة، كما ورد فضل الصدقة في حديثه ﷺ في عدّة مواضعٍ منها:

عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «إذا جاءَ رمضان فتحت أبوابُ الجنَّة، وغلِّقت أبوابُ النار، وصُفِّدت الشّياطين».

عن أنس رضي الله عنه، أن النبي ﷺ قال: «أفضل الصدقة صدقة في رمضان».

فضل الصدقة يوم الجمعة

اِنطلاقاً من بعض أحاديث رسول الله ﷺ، يؤكّد جمهور العلماء والفقهاء أنَّ أجرَ العمل الصالح قد يختلفُ باِختلاف فضل الزمان والمكان، وفي هذا إشارةٌ إلى فضل الصدقة يوم الجمعة، ولا شكَّ أن لهذا اليوم مكانةٌ خاصّة في الإسلام.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‏: قال رسول الله ﷺ: «خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة‏:‏ فيه خُلق آدم، وفيه أُدخل الجنة، وفيه أُخرج مِنها‏».‏ ‏[‏رواه مسلم‏].‏

تقديم الصدقة للقدس

ندعوك في مؤسسة إحياء الدولية للتبرع لصالح أهالي القدس الشريف عبر برامجنا الإغاثية الداعمة، فهم من أحقّ الناس في تلقّي أموال الصدقة والزكاة، إذ يحملون راية الدفاع عن الأقصى المُبارك في وجه الكيان الغاصب ويعانون أشدّ أنواع المعاناة.

إليك البعض من أعمال مؤسسة إحياء الدولية في القدس الشريف:

• إقامة موائد الإفطار في رمضان.
• دعم المرابطين في رحاب المسجد الأقصى.
• رعاية الأرامل والأيتام.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «من فَطَّرَ صَائِمًا أَوْ جَهَّزَ غَازِيًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ»، فلا تتردّد في التبرّع لهم وحسبك قوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ یَجۡزِی ٱلۡمُتَصَدِّقِینَ) [سورة يوسف 88].

الأسئلة الشائعة

المصادر

• كم عدد أنواع صدقات (التطوع /الاختياري)
• أنواع الصدقات في الإسلام