النذر وأحكامه

النذر هو تعبير عن التزام الإنسان بفعل شيء معين يعلّقه بحدوث أمرٍ يطلبه، وهو بمثابة وعد يقطعه الناذر على نفسه، وعليه الوفاء به عند حصول مراده.

يتضمن هذا المقال بيان بعض أحكام النذر في الشريعة الإسلامية، مثل شروطه وأحكامه وأنواعه، وكيفية تحقيقه وإخراجه، والفرق بينه وبين اليمين، بالإضافة إلى بعض الأمور التي يجب على المسلم أن يأخذها في الاعتبار عند القيام بالنذر.

ما هو النذر؟

النذر: هو "أن توجب على نفسك ما ليس بواجب، لحدوث أمر ما"، أو إلزام نفسك بما لم يوجبه الله عليك.

الفرق بين النذر واليمين

النذر قربة مقصودة واجبة لعينه، أما اليمين فقربة مقصودة واجب لغيره وهي صيانة حرمة اسم الله تعالى، فالناذر يقصد بنذره وجه الله تعالى، أما الحالف فيقصد بحلفانه جلب مصلحة له أو لغيره، أو دفع تهمة عنه أو عن غيره.

صيغة النذر

هناك عدة صيغ للنذر، منها ما هو صريح ومنها ما هو كناية:

الصريح

ما تمّ ذكر لفظ النذر به وقد يكون مطلقاً: (لله عليّ نذر كذا - نذرت لله كذا - نذرت كذا وكذا).

وقد يخلو من لفظ النذر لكن الصيغة تدل على النذر (لئن شفا الله مريضي لأفعلن كذا - لئن وفقني الله لأمر أحبه لأتصدقن بكذا).

الكناية

ليس فيها ذكر صريح لكلمة النذر، ولا انعقدت الصيغة بما يفهم منه أنه نذر، مثاله (إن شُفِي مريضي سأتبرع بكذا)، (إن نجحت سأصوم شهراً)، فهذا لا يدل على كونه نذراً، ولا بد من سؤال الحالف: هل قصد به نذراً؟ أم مجرد لغو كلام، وبناءاً على نيته قد تنعقد نذراً يجب الوفاء به، أم ليس بنذر وليس عليه الوفاء أو الكفارة.

أنواع النذر

نذر يجب الوفاء به (نذر الطاعة)

هو كل نذر فيه طاعة لله عز وجل (صلاة نافلة – صوم نافلة – عمرة – صدقة – صلة رحم)، كأن يقول: (لله عليّ أن أصوم كذا وكذا) أو (لله عليّ أن أتصدق بكذا من مالي).

وربما يكون النذر مُعَلَّقاً بحدوث أمرٍ ما: كأن يقول إن شفا الله مريضي فلله عليّ أن أصوم كذا أو أتبرع بكذا، وهذا النذر يجب الوفاء به، فإن حدث أمرٌ طارئ منع من الإتيان بهذا النذر وجب عليه إخراج كفارة اليمين.

نذر لا يجب الوفاء به بل تجب فيه كفارة اليمين

وهو ما يقع في الحالات التالية:

• نذر خالف نصاً شرعياً: كنذر صيام يومٍ منهيٍ عنه: (يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان، أو صوم يوم النحر)، فلا يجوز صيام هذا اليوم، بل تجب فيه كفارة اليمين.
•  نذر فيه معصية: كشرب الخمر، أو الزنا، أو سرقة، أو أكل مال اليتيم، أو قطيعة رحم، فهذا النذر لا يجوز الوفاء به أبداً، بل تجب فيه كفارة اليمين.
• النذر المطلق: وهو النذر الذي عُلِّقَ بأمرٍ ما لكن لم يُسَمَّ هذا النذر، كأن يقول: (لله عليّ إن شفا الله مريضي) ولم يذكر النذر، أو (إن نجحت في الامتحان فلله عليّ) ولم يذكر النذر، فهذا النوع تجب فيه كفارة اليمين.

نذر يخير بين الوفاء به أو التكفير عن يمينه

وهو ما يقع في الحالات التالية:

• نذر اللجاج (الغضب): وهو كل نذر يقصد به حث النفس أو الفير على العمل أو المنع عن عمل، أو تصديق خبر أو تكذيبه، كأن يقول (إن فعلت كذا؛ لله عليّ صوم أو صلاة)، وهنا ليس المقصود من النذر تحقيقه بحد ذاته؟ ولكن ألا يقوم بالأمر المنذور له، وهذا يُخَيَّر بين الوفاء بالنذر أو إخراج كفارة اليمين.
• النذر المباح: كمن نذر أن يلبس ثوباً مُعَيّناً، أو يركب دابة أو سيارة مُعَيّنة، أو يأكل طعاماً مُعَيَناً، فهنا يخير بين الأداء أو إخراج كفارة اليمين.

حكم النذر

يجب الوفاء بالنذر المشروع بعد انعقاده، فقد قال الله تعالى: ﴿وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 29]، وعلى هذا من نذَر طاعةً لله فعليه الوفاء بنذره، ليحصل مقام المدح من الله تعالى لمن أوفى بنذره لله تعالى.

لكن ورد نهي من النبي ﷺ عن النذر، فما هو النذر المنهي عنه؟ النهر المنهي عنه من النبي على وجه الكراهة هو النذر المعقود على حصول شرط ما، مثاله: (إن شفا الله مريضي فلله عليً كذا)، وسبب النهي الوارد هنا: تعليق تنفيذ الطاعة حتى حصول منفعة ما ليُقضي هذا النذر، فإن حقق الله مراد هذا الناذر، تراه قام للطاعة متثقلاً منها لكونها لزمته،  وليس متقرباً إلى الله تعالى.

شروط النذر

هناك شروط خاصة بالناذر وشروط أخرى خاصة بالمنذور:

شروط الناذر

• الإسلام فلا ينعقد النذر على غير المسلم.
• البلوغ والعقل فلا ينعقد النذر على الصبي أو المجنون.
• الاختيار فلا ينعقد النذر على المكره.
• أن يكون الناذر نافذ التصرف (فلا يصح من طفل أو مجنون).

شروط خاصة بالمنذور

• أن يكون النذر في طاعة، فلا ينعقد نذر في معصية.
• أن يكون بمقدور الناذر الوفاء بنذره، دون مشقّة مُرهِقة.
• أن يملك الناذر الأمر المنذور به إن تحقق النذر.
• أن يُقَدِّم النذر قاصداً به وجه الله، لا رياءاً وسمعةً، ولا يُقدّم لغير الله.
• ألا يعتقد الناذر أنّ حصول الأمر المطلوب مُعَلّق بالنذر.

كفارة النذر

عند عدم وفاء الناذر بما قطعه على نفسه في النذر؛ إمّا لعدم استطاعته أو لأن النذر كان في معصية أو لأن تطبيق النذر مع عدمه يقع ضمن نطاق تخيير الناذر؛ فإن دفع الكفارة يكون هو البديل الواجب.

قال رسول الله ﷺ: "كفارة النذر كفارة اليمين" [رواه مسلم - 1645].

وعلى ذلك تكون كفارة النذر هي كفارة اليمين التي وردت في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة: 89]

وعلى هذا فكفارة النذر هي:

1. إطعام (10) مساكين من أوسط الطعام المقدم للأهل.
2. أو كسوة (10) مساكين.
3. أو إعتاق رقبة مؤمنة.
4. وعند عدم استطاعة الناذر تنفيذ الأمور السابقة فعليه صيام (3) أيام.

عواقب تأخير النذر

إن كان النذر مؤقتاً بوقت، فإنّ تأخيره يُعَدّ معصية من المعاصي، يأثم من أخّره في غير عذر، وتجب عليه كفارة اليمين، والوفاء بنذره أيضاً، أما إذا كان تأخيره لعذر فلا كفارة عليه بل قضاء النذر فقط.

وإن لم يكن مؤقتاً فلا بأس بتأخيره، لكن النذر دَينٌ منعقدٌ بذمته لا يسقط عنه بوفاته.

نسيان النذر

من نذر أمراً ثم نسي ما كان المنذور به: هل نذر صلاةً أم صياماً أو غير ذلك، فيجتهد أن يذكر المنذور به قدر المستطاع، فإن لم يذكر المنذور به وجب عليه إخراج كَفارة اليمين.

تبرع بكفّارة نذرك إلى القدس

تعاني العديد من العائلات الفلسطينية في القدس من الفقر والحاجة، وتواجه صعوبات في تأمين حاجاتها الأساسية، مثل الغذاء والمأوى والخدمات الصحية والتعليمية، كما يواجهون صعوبات في تأمين فرص العمل والحصول على دخل يكفي لتلبية احتياجاتهم الأساسية.

ويعتبر الدعم المقدم لفقراء القدس؛ من الأعمال الإنسانية الجليلة التي تساعد على تخفيف معاناتهم وتحسين جودة حياتهم، ويجب على المجتمع الدولي والأفراد المساهمة في تقديم الدعم والمساعدة لهؤلاء الأشخاص المحتاجين.

ندعوكم في مؤسسة إحياء الدولية لمد يد العون نصرة لإخوانكم في أرض الرباط الذين أخذوا على عاتقهم الذود عن مسرى النبي ﷺ والدفاع عن الأقصى الشريف.

إن مؤسسة إحياء الدولية كانت ولا زالت ترعى الفقراء والأرامل والأيتام والمساكين في القدس الشريف، وتقوم على خدمتهم طلباً لما عند الله من الأجر الكبير لها ولكل من قام بتوكيلها بإيصال العون والمساعدات لإخواننا في القدس.

 

تبرع للقدس الآن

 

الأسئلة الشائعة

 المصادر

• إسلام ويب
• الإسلام سؤال وجواب
• الدرر السنية