تبرع سريع
تبرع بسرعة
$

فرض الله سبحانه الزكاة على المسلمين لتكون تزكية لهم ولأموالهم، لقوله تعالى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، ولتكون أيضاً مُعينة للمحتاج في الدنيا وحصانة للمعطي من نار الآخرة، لقوله تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى * الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى} [الليل: 17، 18].

ومن أنواع الزكاة التي فُرضت في الإسلام هي زكاة الفطر، والتي يدفعها المسلم تزكيةً لصيامه في شهر رمضان المبارك، وإعفافاً للمحتاجين من ذل السؤال في صباح العيد، فهي رحمة للآخذ، وللمُتصدق المُعطي أيضاً.

سنتعرّف في هذا المقال على زكاة الفطر وحكمها وأحكامها وشروط وجوبها، ومقدار زكاة الفطر ووقت إخراجها. 

زكاة الفطر.. طهارة وتزكية

الزَّكاة لغةً كما في معجم لسان العرب: هي "الطَّهارة، والنَّماء، والبَرَكة"، والفِطر لغةً: هي أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على فتحِ شيءٍ ما وإبرازِه، أما تعريف زكاة الفِطر شرعاً بحسب معجم لغة الفقهاء: فهي "الصدقةٌ المُقدَّرة عن كلِّ مسلمٍ قبل صلاةِ عِيدِ الفِطر في مصارِفَ معيَّنة".

وهي مقدار من القوت (الطعام) يقدمه المسلم صدقة للفقراء والمساكين، عن نفسه وعمن يعيل، إذا امتلك قوت يوم العيد، وسنبيّن مقدار هذه الزكاة وشروطها وأحكامها في الفقرات القادمة.

حكم زكاة الفطر

فُرضت زكاة الفطر في العام الثاني من الهجرة النبوية الشريفة، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ (فرَض زكاةَ الفطرِ مِن رمضانَ على كلِّ نفسٍ مِن المسلِمينَ حُرٍّ أو عبدٍ، رجلٍ أو امرأةٍ، صغيرٍ أو كبيرٍ صاعًا مِن تمرٍ أو صاعًا مِن شعيرٍ) [البخاري - 1504].

وبذلك فإن زكاة الفطر هي زكاةٌ واجبة على كل مسلم ومسلمة، باتفاق المذاهب الفقهية الأربعة وبإجماع العلماء.

الحكمة من تشريع زكاة الفطر

تظهر الحكمة من زكاة الفطر جلية في حديث الصحابي الجليل عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما إذ قال: (فرضَ رسولُ اللهِ ﷺ زكاةَ الفِطرِ طُهرةً للصَّائِمِ من اللَّغوِ والرَّفَثِ وطُعمَةً للمساكينِ) [رواه أبو داوود - 1609]. 

:وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية عن الحكمة من تشريع زكاة الفطر أنها:

  1. طُهرةٌ للصائم من اللغو والرَّفث كما ورد في الحديث الشريف.
  2. طُعمةٌ للمساكينِ؛ أي إطعاماً لهم ليستغنوا بها عن السؤال في يوم العيد، ويشتركوا بها مع الأغنياء في فرحة العيد.
  3. زكاةٌ للبَدَنِ؛ حيث أبقى الله هذا البدن عاماً بعد عام، وأنعَمَ على المسلم بالبقاء.
  4. شُكرٌ لله تعالى بأنْ أنعم على الصَّائمين بالصِّيام، ووفقهم إلى ذلك.
  5. نيل الأجر والثواب العظيم من خلال منحها لمستحقيها من المحتاجين.
  6. يتم بها سرور المسلم يوم العيد وترفع عنه خلل وتقصير الصَّوم. 

وبذلك تكون زكاة الفطر أيضاً سبباً في نشر المحبة والسلام في المجتمع، وتعزّز مبدأ المساواة الذي ينشره الإسلام بين أفراد المجتمع، حتى المساواة بين الناس في شعور الفرح والسعادة. 

شروط وجوب زكاة الفطر

زكاة الفطر لها شروط حتى تصبح واجبة على المسلم، وهذه الشروط حدّدها العلماء بما يلي:

أن يكون المسلم قادراً على دفعها عند وجوبها، بأن يكون قد امتلك ما يزيد عن حاجته من قوت يوم العيد، هو ومن يعول.

أن يكون حراً ليدفعها عن نفسه ومن يعول، أما العبد فلا يدفعها عن نفسه بل يدفعها سيده.

كما اتفقت المذاهب الفقهية الأربعة أن وجود الدَّين المُؤجل لا يمنع وجوب دفع زكاة الفطر. 

مقدار زكاة الفطر

أمّا عن مقدار زكاة الفطر فهو كما ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (فَرَضَ رَسولُ اللَّهِ ﷺ زَكَاةَ الفِطْرِ صَاعًا مِن تَمْرٍ، أوْ صَاعًا مِن شَعِيرٍ) [البخاري - 1503].

كما ورد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: (كُنَّا نُخرِجُ صَدَقةَ الفِطْرِ إذ كان فينا رسولُ اللهِ ﷺ صاعًا من طَعامٍ، أو صاعًا من تَمْرٍ، أو صاعًا من شَعيرٍ، أو صاعًا من زَبيبٍ، أو صاعًا من أقِطٍ) [البخاري - 1508]، والأقط هو اللبن المطبوخ المجفف.

وقد أفتى العلماء بجواز إخراج الزكاة من قوت البلد الشائع الذي اعتاد الناس تناوله مثل الأرز والقمح وغيره، ويكون بمقدار صاع واحد - أي ما يعادل 3 كيلوغرامات تقريباً بمقاييسنا المعاصرة. 

وقت اخراج زكاة الفطر

يبدأ وقت إخراج زكاة الفطر (الموجب لإخراجها)؛ مع غروب شمس آخر يوم في رمضان ليلة أول أيام عيد الفطر المبارك، وينتهي وقتها مع صباح أول أيام العيد عند بدء صلاة العيد.

فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال عن زكاة الفطر: (من أدَّاها قبلَ الصلاةِ فهي زكاةٌ مقبولةٌ، ومن أداها بعدَ الصلاةِ فهي صدقةٌ من الصدقاتِ) [أخرجه أبو داود - 1609].

أفتى بعض الفقهاء بجواز وإمكانية إخراج زكاة الفطر بحسب الحاجة والضرورة؛ قبل وقتها، استناداً لقول الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (وَكَانُوا يُعطُونَ قَبلَ الفِطرِ بِيَومٍ أَو يَومَينِ) [رواه البخاري - 1511].

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ لعُمرَ رضي الله عنه (إنا قد أخذْنا زكاةَ العباسِ عامَ الأولِ للعامِ) [الترمذي - 679]. 

عن من.. وعلى من.. ولمن تجب زكاة الفطر؟

تجب زكاة الفطر عن كل نفسٍ من المسلمين، وكان بعض الصحابة رضوان الله عنهم يخرجها حتى عن الجنين من عياله، كما تجب عمن لا صوم عليه من مريض أو مجنون. 

وتجب زكاة الفطر على كل مسلمٍ؛ ذكر أو أنثى، كبير أو صغير، عبد أو حر، طالما فضل عنده قوته وقوت عياله في يوم العيد وليلته.

وبالمقابل تجب زكاة الفطر وتُعطى لمن لم يملك قوته وقوت عياله من الفقراء والمساكين. 

كيف تدفع زكاة الفطر

يمكن دفع الزكاة مباشرة إلى هذه الفئات المحتاجة، أو الاستعانة بالمنظمات والجمعيات الخيرية التي تمتلك القدرة والكفاءة على إيصال هذه الزكاة إلى مستحقيها في أسرع وأفضل طريقة.

تقدم مؤسسة إحياء الدولية العديد من المشاريع التي تستهدف الوصول إلى الفئات الهشة والفقيرة، وذلك عبر مشاريعها المتنوعة التي تمد يد العون إلى المحتاجين في مدينة القدس الشريف، وفي مناطق اللجوء ومخيمات النزوح في سوريا وتركيا.

وتتنوع مشاريع إحياء بين توزيع المساعدات للفقراء، وتقديم العون للمحتاج، وإغاثة الملهوف، وكفالة الأيتام، وبرامج تحفيظ القرآن الكريم، ودعم الطلبة المغتربين، إلى جانب حملات رمضان المتنوعة، من إفطار صائم وتوزيع زكاة الفطر.

تبرع زكاة الفطر

الأسئلة الشائعة

كيف يتم إخراج زكاة الفطر؟

يتم إخراج زكاة الفطر بمقدار صاع من الطعام مما يأكل منه أغلب أهل البلد، أو كما أفتى بعض العلماء المعاصرين بجواز إخراجها نقداً بما يعادل قيمة هذا الطعام.

متى يجب ان تدفع زكاة الفطر؟

يجب أن تدفع زكاة الفطر مع زوال شمس آخر أيام رمضان وتنتهي مع صلاة عيد الفطر.

ما هي أنواع الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر؟

أنواع الأطعمة التي تخرج منها زكاة الفطر كثيرة ولكن المشترك بينها أنها شائعة التناول في البلد التي يعيش فيها الفقير أو المسكين، وتتنوع الأطعمة من تمر أو شعير أو قمح أو أرز.

لمن يجوز اعطاء زكاة الفطر؟

يجوز إعطاء زكاة الفطر للفقراء والمساكين ممن لا يمتلكون قوت يومهم، هم وعيالهم في صباح يوم العيد.

المصادر

إسلام ويب، الدرر السنية