تُعتبر زكاة المال من أعظم العبادات التي فرضها الله تعالى على المُسلمين، إذ تشكّل دوراً رئيساً في دعم المجتمع الإسلامي على جميع الأصعدة الاِجتماعية والاِقتصادية والثقافية، وتساهم في تعزيز الترابط بين أفراده.

كما أنَّ الزكاة هي ثالث أركان الإسلام، فقد قال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: 

(بُنِيَ الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) [صحيح البخاري - 6].

فما تعريف الزكاة في الشريعة؟ وما هو حكمها الشرعي وما الغاية من فرضها؟ وما هي شروطها وكيفية حسابها؟ وأين تُصرف أموال الزكاة؟ هذا ما سنعرضه لكم في المقال التالي.

ما هي الزكاة؟

الزكاة لغةً: تأتي بمعنى البَرَكة والنَّماءُ والزيادة، فعندما يُقال: زكا الزرع، أي أنه زادَ ونما.

الزكاة اصطلاحاً: هي مالٌ مخصوص، يؤخذ من أموالٍ مخصوصة، ويدفعُ لجهاتٍ مخصوصة في زمنٍ مخصوص.

حكم الزكاة

الزكاة فرضٌ واجب على كلِّ مسلمٍ كوجوب الصلاة، ويؤديها كلّ من اِجتمعت فيه شروطها، سواءً كان عاقلاً أو مجنوناً، أو كان طفلاً أم عجوزاً، وجاء حكم الزكاة من القرآن الكريم والسنة المشرّفة، ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى:

(ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُم بِٱلۡـَٔاخِرَةِ هُمۡ كَـٰفِرُونَ) [سورة فصلت 7].

(وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِیعُوا۟ ٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمۡ تُرۡحَمُونَ) [سورة النور 56].

ما حكم ترك الزكاة؟

يُعتبر الامتناع عن أداء الزكاة من كبائر الذنوب، وقد وعد الله تارك الزكاة بالعذاب الأليم، إذ قال رسول الله ﷺ:

«مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ شُجَاعًا أَقْرَعَ لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَأْخُذ بِلِهْزِمَتَيْهِ - يَعْنِي بشدقيه - يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ»، ثُمَّ تَلَا هَذِه الْآيَة: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [آل عمران : 180] [رَوَاهُ البُخَارِيّ].

الحكمة من مشروعية الزكاة

لا تقتصر ثمرات الزكاة على الفضل والثواب في الآخرة، وإنما لها أثرٌ كبير على حياة الفرد والمجتمع، وليس بوسعنا ذكر جميع فضائل الزكاة في سطورٍ قليلة، فمن بعض فضائل الزكاة:

1. تحقيق التكافل الاجتماعي ودعم الفقراء وكفالة الأيتام والأرامل.
2. تحسين المستوى الاقتصادي للدولة من خلال ضخّ الأموال من الأغنياء إلى الفقراء.
3. تُساهم الزكاة في نشر المحبّة بين جميع فئات المجتمع وتقضي على مظاهر الحقد والكراهية.
4. الزكاة طريقٌ للخير الكبير، قال تعالى: ﴿ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَۚ وَمَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَيۡرٖ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ ﴾ [البقرة: 110].
5. الزكاة طهورٌ للنفس، قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ﴾ [ التوبة: 103].
6. الزكاة وسيلةٌ لتهذيب النفس وتدريبها على الإنفاق في سبيل الله، أي أنها تقي الإنسان من البخل.

شروط وجوب الزكاة

الزكاة هي فرضٌ واجب على من اجتمعت فيه الشروط التالية:

1. الإسلام: فلا تجبُ الزكاة على غير المُسلم.
2. الحريّة: فلا تجبُ الزكاة على العبد والأسير.
3. الملكية: أن يكون مالُ الزكاة مملوكاً لصاحبه ملكاً تامّاً وتحت تصرّفه.
4. النِصاب: الحدُّ الأدنى من المال الذي تجبُ فيه الزكاة، إذ يجب أن يبلُغ قيمة النصاب أو يتجاوزها.
5. مرور الحول: مرور سنة قمرية كاملة على المال بعد بلوغه قيمة النصاب (عدا الزروع والثمار التي تجب زكاتها وقت الحصاد).
6. أن يكون مال الزكاة فائضاً عن حاجات الحياة الأساسيّة، مثل المنزل والسيارة وما إلى ذلك.
7. أن يكون المالُ حلالاً وليس عليه دَين.

الأموال التي تجب فيها الزكاة

تجبُ الزكاة على فئات معيّنة من الأموال، وليست واجبة على الممتلكات الضرورية كالمنزل والسيارة والثياب وأثاث المنزل وغير ذلك. فيما يلي ما يجب إخراج الزكاة له:

• المال: تجب الزكاة على النقود بجميع أشكالها مثل (المال المدّخر، المال المودع في البنوك، المال الذي لا ينمو) وقيمة الزكاة فيها 2.5% بعد أن يحول عليها الحول، وقيمة النصاب فيها هي 85 غراماً من الذهب.
• المجوهرات: قيمة نصاب الذهب: 85 غرام والفضة: 595 غرام، وقيمة الزكاة هي 2.5% بعد أن يحول عليها الحول.
• زكاة الزروع والثمار: نصابها (اِمتلاك 653 كغ فأكثر)، وقيمة الزكاة هي 10% من المحصول إن كان يُسقى بماء المطر، 5% من المحصول إذا كان يُسقى من قبل الفلاح.
• زكاة عروض التجارة: تشمل كل ما أُعدَّ للبيع والشراء والاِستثمار، وتبلُغ قيمة نصابها 85 جراماً من الذهب، أمّا قيمة الزكاة فهي 2.5% من قيمة البضائع بسعر مبيع الجملة.

مصارف الزكاة

تُدفع أموال الزكاة لجهاتٍ مخصوصة جاء ذكرها في قول الله تعالى: ( إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلۡفُقَرَاۤءِ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱلۡعَـٰمِلِینَ عَلَیۡهَا وَٱلۡمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمۡ وَفِی ٱلرِّقَابِ وَٱلۡغَـٰرِمِینَ وَفِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِۖ فَرِیضَةࣰ مِّنَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ عَلِیمٌ حَكِیمࣱ) [الآية 60].

فيما يلي تعريفُ كلِّ فئةٍ منهم:

1. الفقراء: وهم ممن لا يملكون أدنى اِحتياجاتهم من طعام وشراب، أو يملكون أقلَّ من نِصفها.
2. المساكين: أفضلُ حالاً من الفقراء فهم من يملكون نصف حاجتهم أو أكثرها، لكنّهم لا يجدونها كلها.
3. العاملين عليها: الفئة المسؤولة عن اِستقبال أموال الزكاة وتوزيعها على المستحقّين. 
4. المؤلفة قلوبهم: هم المسلمين حديثاً ويودُّ تثبيتهم عليه لضعف إيمانهم، أو من الذين يجلبون نفعاً للإسلام أو يدفعون عنه ضرراً.
5. الرقاب: تشمل الرقّ والعبيد والأسرى.
6. الغارمون (المَدِينون): من تحملوا الديون لحاجةٍ ضرورية كالزواج وعجزوا عن سدادها.
7. في سبيل الله: أي لتجهيز جيوشِ المسلمين والمرابطين في الأراضي المغصوبة مثل فلسطين.
8. ابن السبيل: المُسافر المنقطع عن بلده، يُعطى من مال الزكاة حتى وإن كان غنيّاً في بلده.

حساب الزكاة

عند دفع الزكاة يجب على المسلم ما يلي:

تحديد يوم محدّد من أيام السنة لدفع الزكاة فيه، ولكن لا يجوز تأخير الزكاة عن موعدها بمجرّد أن يحول الحول، بينما يُفضّل البعض تعجيل الزكاة لدفعها في شهر رمضان المُبارك.

إحصاء ما لديك من مال وجبت فيه الزكاة سواءً كان على هيئة أموالٍ نقدية أو مجوهرات أو بضائع.

دفع (2.5%) من إجمالي المبلغ (إذا بلغ النصاب) لمستحقّي الزكاة، فعلى سبيل المثال:

إذ كانت قيمة المبلغ الذي وجبت فيه الزكاة (20,000$) فإنَّ قيمة الزكاة تساوي: (20,000 × 2.5% = 500$).

أمّا عن حساب قيمة نصاب المال، فيتم بالطريقة التالية: (سعر غرام الذهب اليوم × 85 = قيمة النصاب).

فإذا كان سعر غرام الذهب حوالي (70$) بالتالي تكون قيمة النصاب (60$ × 85 = 5950$).

تبرع بزكاتك للقدس

تدعوكم مؤسسة إحياء الدولية للتبرع بزكاة مالكم لصالح أهالي مدينة القدس الشريفة، إذ تضمُّ هذه الأرض المُباركة جميعَ فئات مُستحقي الزكاة من الفقراء والمساكين والمجاهدين المرابطين في سبيل الله، إذ يُعانون ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الذي يفرض عليهم حِصاراً وتضييقاً خانق.

نعمل على إيصال أموال الزكاة لمستحقيها عبر مجموعة من البرامج:

• رعاية الأيتام والأرامل في مدينة القدس.
• توزيع السلال الغذائية والمساعدات العينيّة والنقديّة.
• مشاريع سقيا الماء وإفطار الصائمين خلال رمضان المبارك.
• برامج التمكين الاقتصادي للأرامل والثكالى.

ساهم في دعمهم الآن، لتكون شريكاً في معركة الدفاع عن أغلى مقدّسات الأمّة، وكن عوناً وناصراً لهم في معركة الحق والباطل.

 

اخرج زكاتك للقدس الآن

 

الأسئلة الشائعة

المصادر

ما هي أحكام الزكاة؟
sunnah.com

اقرأ أيضاً: