الصدقة والتأثير الإيجابي على المجتمع

كثير من الناس يقومون بادخار بعض الأموال، حتى يتجاوزوا العقبات والصعوبات التي قد تواجههم في حياتهم على مر الزمن، ولكنّهم لم يقوموا بادخار شيء لعقبات يوم القيامة وأهوالها، وإنّ أعظم ما يعين على تجاوز تلك العقبات، الصدقة التي يقدمها المسلم بغية الفوز برضوان الله، وادخاراً لذاك اليوم العظيم، فما هي الصدقة؟ وما فضلها؟ وكيف تعود بالنفع العام على الفرد والمجتمع؟

التعريف بالصدقة وأنواعها

الصدقة: هي هو ما يدفعه الشخص تقربا لله تعالى.

وقد تكون الصدقة على شكل هبة أو وقف أو إبراء، عند تقديم هذه المعاملات على نحو القربة لله تعالى.

وإن من أعظم الصدقات ما كان يتعدى نفعه للغير، فكل ما ينفع الناس ويسرهم فهو صدقة.

أنواع الصدقة

للصدقة أنواع كثيرة، فليست محصورة بتقديم المال للمحتاج؟ بل لها صور أخرى أكثر من أن تُحد بالمال، فعن أبي ذر رضي الله عنه: (قيلَ: يا رسولَ اللهِ، ذهَبَ أهلُ الدُّثورِ بالأُجورِ، يُصلُّونَ كما نُصلِّي، ويَصومونَ كما نَصومُ، ويَتصدَّقونَ بفُضولِ أموالِهم، فقال: أوليس قد جعَلَ اللهُ لكم ما تَصدَّقونَ، إنَّ بكلِّ تَسبيحةٍ صَدَقةً، وبكلِّ تَكبيرةٍ صَدَقةً، وبكلِّ تَهليلةٍ صَدَقةً، وبكلِّ تَحميدةٍ صَدَقةً، وأمْرٌ بالمَعروفِ صَدَقةٌ، ونَهْيٌ عنِ المُنكَرِ صَدَقةٌ، وفي بُضْعِ أحَدِكم صَدَقةٌ) [رواه مسلم - 1006].

من أنواع الصدقة:

• صدقة مادية: وهي إعطاء المال للمحتاجين ودعم المؤسسات والجمعيات الخيرية، ويدخل في هذا الباب: إنظار المعسر بحق أصحاب الديون.
• صدقة عينية: وهي تقديم الطعام، والمأوى، والملابس، والأدوية، والأجهزة الطبية، والمساعدات الأخرى للمحتاجين..
• صدقة العلم: وهي نشر العلم والمعرفة والتعليم ودعم البرامج التعليمية والأكاديمية.
• صدقة الوقت: وهي تقديم الوقت والجهد والخبرات والمشاركة في الأعمال التطوعية والخيرية والاجتماعية.
• صدقة مجتمعية: من تحسين واقع الخدمات لأفراد المجتمع، من خلال المحافظة على مرافق الدولة المخصصة لخدمة الناس، وإماطة الأذى عن طريقهم.
• صدقة جارية: كل ما يقدمه الإنسان من أعمال خير يبقى أثرها ولا ينتهي، ويبقى الأجر ما بقي الأثر حتى بعد وفاة صاحبها. 
• قضاء حوائج الناس: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "من مشى بحق أخيه إليه ليقضيه فله بكل خطوة صدقة".

الأدلة الشرعية على فضل الصدقة

من القرآن الكريم

قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم:

﴿وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ البقرة 272

﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ آل عمران 92

من السنة المطهرة

قال رسول الله ﷺ: (ما من يوم يصبح العباد فيه، إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا)، البخاري (1442)

عن النبي ﷺ أنه قال: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر، يسر الله عليه في الدنيا والآخرة)، مسلم (2699)

قال رسول الله ﷺ: (كافل اليتيم له، أو لغيره أنا وهو كهاتين في الجنة وأشار مالك بالسبابة والوسطى)، مسلم (2983).

قال رسول الله ﷺ: (ما من مسلم يغرس غرساً، أو يزرع زرعاً، فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة؛ إلا كان له به صدقة)، البخاري (2320) و مسلم (1553)

الصدقة وتطهير النفس والزكاة

من أعظم فوائد الصدقة أنها تطهر النفوس من رذائل الشح والبخل والطمع، وتزكي القلوب من الأخلاق الذميمة، وتنمّي الأموال والحسنات.

ثم إنّ الصدقة تدل على صدق صاحبها في طلبه مرضاة الله سبحانه وتعالى، لأنه ليس مأموراً بإخراج غير الزكاة من ماله، فعندما قام بالتصدق فهو دليل على صدق المحبة لله.

الصدقة والبركة في الرزق والمال

ما ينفقه الإنسان من خير ستعود ثماره ومنافعه عليه في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا فبسبب هذا الإنفاق تزكو أموال المنفق، وتحسن سيرته بين الناس، وأما في الآخرة فإنه ينال أجزل الثواب، وأعظم الدرجات من الله سبحانه وتعالى.  

﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾ البقرة 276

أي: ينميها وينزل البركة في المال الذي أخرجت منه وينمي أجر صاحبها وهذا لأن الجزاء من جنس العمل، قال رسول الله ﷺ (من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب، فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه، حتى يكون مثل الجبل)، البخاري (1410)

﴿لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ﴾ آل عمران 92

أي لن تنالوا حقيقة البر، ولن تبلغوا ثوابه الجزيل الذي يوصلكم إلى رضا الله، وإلى جنته التي أعدها لعباده الصالحين، إلا إذا بذلتم مما تحبونه وتؤثرونه من الأموال وغيرها في سبيل الله، وما تنفقوا من شيء- ولو قليلا- فإن الله به عليم، وسيجازيكم عليه بأكثر مما أنفقتم وبذلتم.

عن أنس بن مالك قال: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بيرحاء- موضع بالمدينة- وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله ﷺ يدخلها ويشرب من ماء طيب فيها.

 قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون، قام أبو طلحة إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله، إن الله-تبارك وتعالى- يقول في كتابه لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله..

فقال رسول الله ﷺ: (بخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين)، قال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه، البخاري (1461) ومسلم (998)

الصدقة والتكافل الاجتماعي ودعم المحتاجين

من مزايا المجتمع المسلم: التراحم والتواصل والتوادد الاجتماعي فيما بينهم، سواء في ذلك غنيهم وفقيرهم، كبيرهم وصغيرهم، فترى الأيادي ممدودة بين أفراده كناية عن مد يد العون فيما بينهم، من خلال تقديم الصدقات على اختلاف أنواعها.

إذ تُعتبر الصدقة وسيلة لتحقيق العدل والتوازن في المجتمع، وتعزز العلاقات الإنسانية وتحقيق السعادة والرضا في الدنيا والآخرة. ويجب على المسلمين وغيرهم من الأشخاص أن يتصدقوا بإخلاص وصدق وإيمان، وأن يعتبروا الصدقة وسيلة لتحقيق الخير والتقرب إلى الله عز وجل.

بل إنّ دعوة القرآن الكريم إلى التكافل الاجتماعي ليس تجاه المسلمين فقط، لكل البشر على اختلاف دياناتهم ومعتقداتهم؛ ما داموا يظهرون السلام داخل ذلك المجتمع، وليس بينهم وبين المسلمين قتال أو عداوات؛ من اغتصاب للأموال والدور، فأولئك مشمولون بالتكافل الاجتماعي.

الصدقات الجارية

الصدقة الجارية هي عمل صالح يستمر في الأجر والثواب للمؤمن بعد وفاته. وتعتبر الصدقة الجارية من الأعمال الصالحة التي تدوم وتستمر في الخير بعد الموت وباب من أبواب الحسنات تنتفع بها النفوس الخيرة.

وفيما يلي أمثلة على الصدقات الجارية التي يمكن أدائها:

• سقيا الماء: وهي من أعظم الصدقات الجارية عند الله، وقد روي عن رسول الله الكثير من الأحاديث التي تبرز أهمية سقيا الماء وعظيم ثوابها عن سعد بن عبادة أنه قال: يا رسول الله! إن أمي ماتت، أفأتصدق عنها؟ قال: (نعم)، قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: (سقي الماء) صحيح النسائي (3668)
• حفر الآبار
• بناء المساجد، والمكتبات الإسلامية.
• كفالة طلبة العلم، وبناء المدارس، وتأمين المأوى لهم.
• كفالة الأيتام، وبناء دور الأيتام، والمنشآت الخدمية التي يحتاجونها.
• إطعام المساكين والفقراء.
• إجراء صدقة جارية للأموات، من خلال بناء مساجد، أو وترميمها، أو رفدها بالمعدات الخدمية المناسبة لها.
•  الصدقة على ذوي القربى.
• بناء المشافي، ودور العجزة.

فضائل الصدقة المستمرة والتوصية بالإحسان إلى الآخرين

عن أنس بن مالك قال رسول الله ﷺ: (سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علماً، أو كرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته)، رواه البيهقي في شعب الإيمان، والمنذري في الترغيب والترهيب.

تبرع بصدقتك للقدس

مؤسسة إحياء الدولية تدعوكم للتبرع لصالح أهالي القدس الشريف عبر برامجنا الإغاثية الداعمة، فهم من أحقّ الناس في تلقّي أموال الصدقة والزكاة، فهم حاملوا راية الدفاع عن الأقصى المُبارك في وجه الكيان الغاصب ويعانون أشدّ أنواع المعاناة.

ونقدم لكم تعريفاً ببعض أعمال مؤسسة إحياء الدولية في القدس الشريف:

• إقامة موائد الإفطار في رمضان.
• دعم المرابطين في رحاب المسجد الأقصى.
• رعاية الأرامل والأيتام.

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «من فَطَّرَ صَائِمًا أَوْ جَهَّزَ غَازِيًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ»، فلا تتردّد في التبرّع لهم وحسبك قوله تعالى: (إِنَّ ٱللَّهَ یَجۡزِی ٱلۡمُتَصَدِّقِینَ) [سورة يوسف 88]

 

تبرع للقدس الآن

 

الاسئلة الشائعة

المصادر 

• موقع إسلام ويب
• موقع الدرر السنية

اقرأ أيضاً: